تيسير العمل الافتراضي

تاريخ النشر

2023-06-12 08:47:51

مدخل:

بعد جائحة (Covid-19) والعوامل المصاحبة لها بدأت العديد من المؤسسات حول العالم في نقل أنشطتها إلى الإنترنت وأصبح العالم الافتراضي ملاذ الاجتماعات والورش والدورات التدريبية وغيرها، وعلى الرغم من التمدُّد الهائل الذي حدث أعقاب الجائحة، إلا أن الكثيرين ما زالوا يشككون في نجاح الأعمال التي تجمع الموظفين في البيئة الافتراضية، ويتمسكون بأن الأفضل هو تنفيذ العمل في مكان يجمع الكل وجهًا لوجه، لذلك بدأ الكثير من الخبراء في تفنيد هذه المسائل من خلال عقد مقارنات والتعرُّف على أبرز الاختلافات بين الواقع الجديد والعمل الافتراضي. وهنا يقدم خبراء العمل عن بُعد (Henrik Horn Andersen) و(Iben Nelson) و(Kåre Ronex) جُملة من النصائح والبرامج الفعّالة التي تساعد في التخطيط السليم للجلسات والاجتماعات الافتراضية.

 

العناوين:

  • تعلَّم استخدام التقنيات الإنترنت الحديثة، وتغلب على عوامل بُعد المسافة، والاختلافات الاجتماعية والثقافية.

  • ركِّز على الغرض من الاجتماع، ونوع المشاركين، والمنصة المناسبة، وشركاء عملية التواصل.

  • يتطلب تشغيل جلسة افتراضية سلسلة قواعد عمل مفصلة.

  • يجب أن يتفاعل القائد بشكل متكرِّر مع جمهور العاملين عن بُعد لتحفيز مشاركتهم وطاقتهم.

  • الإرشادات الواضحة والإحساس بالمسؤولية وحسن التعامل تُحفز جموع المشاركين.

  • جلسات المتابعة القيِّمة تُحسِّن عملية التعلم وترسِّخ المعلومة وتطوِّرها.

  • اضبط أسلوبك وأدواتك وفقًا لطبيعة الجلسات الافتراضية التي تشارك فيها.

 

التفاصيل:

تعلَّم استخدام تقنيات الإنترنت الحديثة، وتغلَّب على عوامل بُعد المسافة، والاختلافات الاجتماعية والثقافية:

تتفوَّق الجلسات الافتراضية على الحضورية من بعدد من المزايا أهمها أنها تتيح تكافؤ الفرص بين المشاركين، وتقلِّل من احتمالات السيطرة على المناقشة، وتتجاوز الحواجز المادية والاجتماعية والثقافية والتقنية، وبما أنه يمكن للمشاركين العمل على المستندات بشكل جماعي فإنك تستطيع الحصول على مخرجات قابلة للمشاركة. وحتى تتغلَّب على التباعد الجسدي في الجلسات الافتراضية، شجِّع المشاركين على اللقاءات الواقعية المسبقة، وقبل بداية الاجتماع أعط الجميع إرشادات واضحة للاستعداد، ويمكن تخصيص وقت البداية للمحادثات والتفاعلات غير الرسمية، أو استخدم غرف الدردشة الجانبية.

من المهم أن تكون على دراية بالاختلافات الثقافية بين المشاركين، وأن تضع قواعد أساسية للتواصل المنتظم للحصول على الملاحظات وسير العمل، وتذكَّر أن المشكلات التقنية يمكن أن تعرقل جلستك، لذا اجعل التعامل مع التقنية من الأولويات، وتعرَّف على كيفية معالجة المشكلات المشتركة وإصلاحها، واحصل دائمًا على مسار بديل جاهز في حالة حدوث خلل تقني، وانتبه إلى أن الصوت الضعيف أو الإضاءة السيئة والصورة غير الواضحة يؤديان إلى فقدان تركيز المشاركين.

 

"القاعدة الأساسية الأولى هي أنك تحتاج إلى وقت أطول للتخطيط أكثر مما تعتقد."

 

ركِّز على الغرض من الجلسة، ونوع المشاركين، والمنصة المطلوبة، وشركاء عملية التواصل:

 

كي تتمكَّن من التركيز والنجاح في دورك كمُيسّر، يجب أن تخطط لجلستك الافتراضية من خلال التركيز على المحددات الأساسية للجلسة، وهي:

  1. الغرض:

حدِّد سببًا واضحًا لعقد الجلسة وطريقة إدارتها، والمبرِّرات التي تُوجب على المشاركين قضاء وقتهم في الجلسة، وضَع معايير واضحة لقياس النجاح من عدمه، ومن المهم أن يكون هناك هدف رئيسي للجلسة، غير أن هذا لا يمنع تحقيق أهداف أخرى غير رسمية، مثل تحفيز الفريق أو بناء الثقة.

 

  1. المشاركون:

قبل الجلسة حدِّد المشاركين وعددهم، ومن الأفضل أن يقتصر الاجتماع على الأشخاص الأساسيين، مع الوضع في الاعتبار أنك قد تحتاج إلى خبير أو صانع قرار، بجانب معرفة دور كل مشارك ومستواه العملي والعلمي وقدراته الفنية والتقنية.

 

  1. المنصة:

تحديد منصة الجلسة يعتمد على القدرات الفنية للمشاركين، لذا احرص دائمًا على المنصات المألوفة للجميع، وفي حال الانتقال إلى تقنية جديدة يجب عليك إجراء جلسة تدريب أو تخصيص زمن قبل بداية الجلسة لتوضيح وظائف وطرق عمل الأدوات الجديدة. مع الوضع في الحسبان أن الجميع ليسوا في ذات المستوى من حيث القدرات الفنية والمعرفية، لذلك من المهم إخطارهم مُسبقًا بما هو مطلوب وما هو مُتوقع على سبيل المثال يمكنك أن تطلب منهم أن يكونوا في مكان هادئ، وأن يستخدموا كاميرات الويب وليس الهاتف المحمول.

 

  1. العملية:

والمقصود بها هو التخطيط الشامل ما قبل الجلسة وأثناءها وبعدها، ففي مرحلة "ما قبل" يتوجب عليك تعريف الجميع بالتحضيرات المطلوبة والأهداف الأساسية للجلسة. أما "أثناء الجلسة" فمن الضروري أن تنتبه إلى مستوى التفاعل واتخاذ الإجراءات المناسبة لإشراك الجميع وضمان تسجيل دخولهم بانتظام، وتكافؤ الفرص والتركيز. وبالنسبة لمرحلة "ما بعد" فهي تتلخص في متابعة المخرجات، وتحديد مسارات واضحة للتعامل مع النتائج.

 

  1. الشركاء:

يلعب الشريك دورًا محوريًا في مساعدتك على تحقيق أهداف الجلسة، يمكن أن يكون شريكك خبيرًا أو ميسرًا مشاركًا أو مساعدًا فنيًا، وغالبًا ستكون بحاجة إلى طلب المساعدة الفنية عندما تضم ​​مجموعتك أكثر من 10 مشاركين.

 

يتطلب تشغيل جلسة افتراضية سلسلة قواعد عمل مفصَّلة:

كونك ميسرًا، هذا يعني أن عليك أن تكون متوفرًا ومستعدًا باعتبارك رئيسًا للاجتماع، لذا أنت بحاجة إلى إعداد دليل يحتوي على خطة تفصيلية تحدِّد توقيتك، ومن يفعل ماذا ومتى، ويحدِّد مطلوبات كل عنصر حسب الحاجة. ويتضمن أيضًا الخطوات التي يجب اتخاذها في الفترتين السابقة أو اللاحقة للاجتماع.

يساعدك الدليل على تخصيص الوقت والمدى الزمني للمهام بوضوح، بجانب تحديد المشاركين والوقت الممنوح والموضوع الذي محل النقاش خلال الجلسة العامة، مع التحقق بانتظام من التقدم المُحرز، والقدرة على اتخاذ القرارات السريعة بشأن المستجدات، ومن المهم أن يتضمن دليلك فترات راحة قصيرة لإجراء عمليات التحقق.

 

"باعتبارك ميسرًا،  قُم بإشراك الأشخاص في الاجتماع، وأظهر لهم أن الاجتماع ذو معنى، واجعلهم يشعرون بالمسؤولية عن حضورهم وانتباههم."

 

يجب أن يتفاعل الميسر بشكل متكرر مع العاملين عن بُعد لتحفيزهم بمشاركتهم وطاقتهم.

في البيئة الافتراضية، يكون مدى انتباه الأشخاص أقصر بكثير مما هو عليه في وضع الاجتماع وجهًا لوجه، وللتغلب على هذه العقبة أضفي نوع من التنوع على جلستك، واستخدم المشاركات السريعة مثل استطلاعات الرأي، أو الاختبارات أو الأسئلة أو المواد التنشيطية كل 5 - 10 دقائق، كما يمكن تمديد فترات الراحة من 20 – 30 دقيقة إذا كان المشاركون مشغولون بمهمة أو تمرين، لكن الأهم في البداية هو إخبار المشاركين عن سبب وأهمية الاجتماع، فالأشخاص يظلون منخرطين لفترة أطول إذا فهموا الغرض من الاجتماع وما هو مفيد لهم.

وللمحافظة على مستوى التفاعل، قم مُسبقًا بإعداد الأسئلة التي تنوي استخدامها لتوجيه النقاش، بالتركيز على الأسئلة التي تتطلب الإجابة بأكثر من (نعم) أو (لا) مع الوضع في عين الاعتبار أن مستويات الطاقة تبدو مختلفة في البيئة الافتراضية، فالصمت لا يعني بالضرورة أن المشاركين يفتقرون إلى الإلهام، لذلك استفد من استطلاعات الرأي والدردشة في توجيه أسئلة منتظمة ومباشرة للمشاركين،

يمكنك الاستفادة من هذه الخيارات للتأثير على مستويات الطاقة الإيجابية:

  1. ابدأ الجلسة بجو ترحيبي وابتسم عند إلقاء التحية على المشاركين عند انضمامهم لجعلهم يشعرون بالراحة.

  2. يمكن للموسيقى ضبط الحالة المزاجية وتعزيز مستويات الطاقة؛ لكن تجنَّب الموسيقى التي تشتت الانتباه.

  3. قم بإعداد الكاميرا حتى يتمكن الأشخاص من رؤية يديك؛ لأن ايماءاتك تساعد في نقل الطاقة.

  4. الحس الفكاهي يكسر الجمود ويساعد على استرخاء المشاركين، إلا أن هذا الخيار يتطلب أن تكون ملمًا بالاختلافات الثقافية للمشاركين حتى لا تتورط في مأزق السخرية أو التهكم.

  5. امنح المشاركين فترات راحة قصيرة كل 45 – 60 دقيقة استخدم خلالها أدوات تنشيطية مثل ألعاب التحدي أو الاختبارات السريعة.

 

الإرشادات الواضحة والإحساس بالمسؤولية وحسن التعامل، تُحفِّز المشاركين:

قم بمشاركة توقعاتك والتعليمات والقواعد والأهداف بشكل واضح ومنتظم طوال الاجتماع، ويمكنك كتم صوت الميكروفونات للتحكم في توزيع الفرص وطرح الأسئلة، ومن الأهم تحديد آلية السؤال والتداخل، مثلًا هل ينبغي عليهم رفع أيديهم، أم يمكنهم إلغاء كتم صوت الميكروفون والحديث مباشرة؟ وهل سيكون لديك أوقات محدَّدة لطرح الأسئلة، أم يمكنهم طرح الأسئلة طوال الوقت؟

أعط توجيهات لفظية وبصرية من أجل المهام، واجعل التوجيهات واضحة على الشاشة، بحيث يمكن للمشاركين الوصول إليها أثناء قيامهم بالمهمة، وكُن واضحًا بشأن المخرجات التي تنتظرها، ولا تنسَ أن تشرح سبب مطالبتك لهم بأداء المهمة وارتباطها بأهداف الجلسة، ومن المهم أن تطلب من المشاركين ملء النماذج وتعيين متحدث رسمي لتقديم التقرير، مع توضيح كيفية اتخاذ القرار للمجموعة وتوثيقها بوضوح.

جلسات المتابعة القيِّمة تُحسِّن عملية التعلم وترسخ المعلومة وتطوِّرها

تلقي التعليقات يساعدك في الوقوف على نقاط الضعف والقوة، بالتالي تحديد مطلوبات التدخل والدعم، لذا اطلب التعليقات عند بداية الاجتماع وليس بعد انتهائه، ولتأكيد أهمية المجلس لدى المشاركين أرسل رسالة متابعة كل 24 ساعة، يمكن أن تتضمن بعض المواد مثل نقاط تنظيم العمل أو القرارات الموثقة أو شرائح الـ (Power Point) أو تسجيل الاجتماع.

 

"يجب أن تكون المتابعة الجيدة مرئية، ويجب أن تكون قصيرة، ويجب أن تكون توصية للعمل و[ينبغي] أن تكون وسيلة لخلق الوضوح فيما يتعلق بما سيأتي بعد ذلك."

 

فكِّر باستخدام منصة لتبادل المعلومات والمتابعة بدلًا من البريد الإلكتروني، فإذا كنت – مثلاً – قد استخدمت (Microsoft Teams) للجلسة، قُم بإضافة مواد وتعليقات إلى دردشة الجلسة، ويمكنك أيضًا استخدام هذه المنصات للمتابعة على المدى المتوسط، فهي مناسبة لإعلام المشاركين بالتطورات الجديدة أو نتائج الأعمال، وتتيح أيضًا إبقاء المجموعة بأكملها على اطِّلاع بالتقدم المُحرز من خلال برنامج العمل التنفيذي الخاص بهم.

 

اضبط أسلوبك وأدواتك وفقًا لطبيعة الجلسات الافتراضية التي تُيسِّرها:

تختلف أساليب إدارة الاجتماعات الافتراضية باختلاف الغرض منها، فإذا كان الغرض من اجتماع الفريق الافتراضي المنتظم هو مناقشة الجهود المستمرة وبناء العلاقات الشخصية داخل الفريق، فينبغي في هذه الحالة تضمين عناصر تسمح بالتواصل الاجتماعي. أما إذا كان الغرض من الاجتماع هو تحقيق نتائج محدِّدة، فيجب أن يركز جدول الأعمال على هذا الهدف.

يقدِّر الناس وجود تنسيق ثابت للاجتماعات العادية، ولكن يجب أن تفكِّر في تغيير بعض العناصر كل ثلاثة إلى ستة أشهر للحفاظ على مستويات جيدة من التفاعل؛ وفي الاجتماعات الهجينة، تعامل مع الحاضرين فعليًا وافتراضيًا على قدم المساواة، وقم بإعداد الشاشات والكاميرا الخاصة بك حتى تتمكن المجموعتان من رؤيتك بوضوح، كما يجب أن يكون لدى المشاركين أجهزتهم الخاصة حتى يتمتع الجميع بفرصة متساوية خلال مشاركتهم في الاجتماع.

تذكَّر على الدوام أن التدريبات وورش العمل افتراضية تساعدك في استغلال قدرتك على إجراء عدة جلسات مختصرة بدلًا من جلسة مطوَّلة واحدة، واستغل الوقت بين الجلسات لتمكين المشاركين من تدعيم ما تعلموه، ولتحقيق هذه الغايات اختر منصة تسمح بالتفاعل، وأساليب تعاونية للحصول على النتائج.

بالنسبة للجلسات التدريبية، تمنحك عمليات تسجيل التعلم المنتظمة، مثل المسابقات، إشارة إلى مدى نجاح التدريب، حيث تتطلب جلسات التدريب الافتراضية متابعة هادفة، إذ تعتمد العملية التعليمية بنسبة 45% على الأشخاص الذين يستخدمون ما تعلموه في سياق محدَّد.

في الأحداث الافتراضية واسعة النطاق تحتاج إلى تجهيزات تقنية، فأنت تحتاج إلى ميكروفون يقف على قاعدة مع إضاءة جيدة وشاشات إضافية، أو استئجار شخص لتشغيل كاميرا عالية الجودة، وتجهيزات أخرى، لذلك قبل تنظيم تجمعات كُبرى، قم بإنشاء دليل تفصيلي والتزم به أثناء الجلسة لأنه سيكون بمثابة نص يبقيك أنت وشركائك وجمهورك على مستوى متساوي من الاطلاع.

 

"يتعلَّم الناس من خلال مسارات مختلفة، لذلك من المهم تقديم المعلومات بشكل موضوعي في جمل واضحة وموجزة. وتكون شرائحك مرئية بشكل واضح، وتستخدِم الألوان وتُمكِّن المشاركين من تدوين الأشياء المهمة بأنفسهم."

 

 

عن المؤلفين

 (Henrik Horn Andersen) و(Iben Nelson) و(Kåre Ronex) من الميسّرين الافتراضيين وخبراء التعلم عن بعد (Andersen) هو عضو مجلس إدارة مجموعة الاستشاريين التنفيذية، ويعمل (Nelson) و(Ronex) كمستشارين إداريين.